مدون مهتم باللغة العربية و أدبها

السبت، 3 يوليو 2021

الصورة الشعرية بالخطابين الشعريين [الإحيائي التقليدي] و[التجديدي الذاتي]: العلاقات / المكونات / الوظائف

 

الصورة الشعرية  بالخطابين الشعريين [الإحيائي التقليدي] و[التجديدي الذاتي]: العلاقات / المكونات  / الوظائف

 

                                                                                                            1)توضيح

      اَلصُّورَةُ الشِّعْرِيَّةُ خَلْخَلَةٌ لِلْعَلَاقَاتِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ مِنْ خِلَالِ اللَّعِبِ بِالْكَلِمَاتِ، وَهو اللَّعِبُ الذي يُطَوِّعُ اللُّغَةَ لِتَتَّسِعَ لِتَجْرِبَةِ الشَّاعِرِ الإنْسَانِيَّةِ، وَ تُصْبِح أَدَاتَهُ الْفَنِّيَّةَ وَ هَدَفَهُ الْجَمَالِيَّ .

2)اللعب المؤسس دلاليا


              يَكُونُ اللَّعِبُ باللُّغَةِ فِي الشِّعْرِ مُؤَسَّسًا عَلَى عَلَاقَاتٍ دَلَالِيَّةٍ وَ غيرعَشْوَائِي.

اَلْعَلَاقَةُ الْأُولَى: عَلَاقَةُ مُشَابَهَةٍ بَيْنَ طَرَفَيْ الصُّورَةِ، وَ تَتَجَسَّدُ هَذِهِ الْعَلَاقَةُ بَيَانِيّاً فِي التَّشْبِيهِ وَالْاسْتِعَارَةِ.

اَلْعَلَاقَةُ الثَّانِيَّةُ: عَلَاقَةُ مُجَاوَرَةٍ بَيْنَ طَرَفَيْ الصُّورَةِ، وَ تَتَمَثَّلُ بَيَانِيّاً فِي الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ وَالْكِنَايَةِ.

1.2)أَمْثِلَةُ عَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ 

اَلتَّشْبِيهُ :

      يقول الشاعر محمود سامي البارودي مفتخرا بجودة شعره ، فيشبه تناغم إيقاعه بالحديقة الغناء ، وقوة كلمته و ضراوة معناها بزئير الأسد في الغابة :

كَالرَّوْضِ تَسْمَعُ مِنْهُ نَغْمَةَ بُلْبُلٍ /// وَ الْغِيلِ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَةَ ضَيْغَم

 الْاسْتِعَارَةُ:

      يعمد الشاعر جبران خليل جبران إلى الاستعارة في التعبير عن نشوة الذات في حضن الطبيعة ، في قصيدة المواكب ، فيقول:

هَلْ تَحَمَّمْتَ بِعِطْرٍ/// وَ تَنَشَّفْتَ بِنُورْ

وَ شَرِبْتَ الْفَجْرَ خَمْرًا/// فِي كُؤُوسٍ مِنْ أَثِيرْ؟

2.2)أَمْثِلَةُ عَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ  

اَلْمَجَازُ الْمُرْسَلُ:

     يعبر الشاعر عباس محمود العقاد عن تملك الحبيب قلبه ، فيستند إلى المجاز المرسل / علاقة الجزئية / في قصيدة الصدار قائلا:

نَسَجْتِهِ بِيَدَيْكِ/// عَلَى هُدَى نَاظِرَيْكِ

إِذَا احْتَوانِي فَإِنِّي/// مَا زِلْتُ فِي إِصْبَعَيكِ

الْكِنَايَةُ:

       يصف الشاعر أبو القاسم الشابي الذات الشجاعة ، التواقة إلى الشموخ و السمو ، والنافرة من الذل و الانحطاط ، فيعمد إلى الكناية منشدا:

إذَا مَا طَمَحْتُ إِلَى غَايَةٍ/// رَكِبْتُ الْمُنَى، وَ نَسَيْتُ الْحَذَرْ

وَ لَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُورَ الشِّعَابِ/// وَ لَا كُبَّةَ اللَّهَبِ الْمُسْتَعِرْ 

وّ مَنْ لَا يُحِبُّ صُعُودَ الْجِبَالِ/// يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الْحُفَرْ

          3)وَظَائِفُ الصُّورَةِ الشِّعْرِيَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى عَلاَقَةِ الْمُشَابَهَةِ

1.3) اَلتَّوْضِيحُ الْإِخْبَارِيُّ أَوْ التَّعْلِيمِيُّ ( مثال التشابيه و الاستعارات التي تكون في المقطع الشعري الختامي من النص الشعري ذي النفحة الحِكَميَّةِ(

2.3) اَلتَّغْرِيبُ: عِنْدَمَا يُشَبِّهُ الشَّاعِرُ ، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ ، نَشْوَةَ الْحُبِّ بِسَكرَةِ الْمَوْتِ ، فَهَذا تَشْبِيهٌ بَيْنَ الْمُتَبَاعِدَيْنِ دَلَالِيّاً .

3.3) اَلْمُبَالَغَةُ فِي الْمَعْنَى وَ تَوْكِيدُهُ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ النَّابِغَة الذبياني :

فَإِنَّكَ شَمْسٌ وَ الْمُلُوكُ كَوَاكِبُ *** إِذَا طَلَعت لَمْ يَبْدُ مِنْهُنّ كَوْكَبُ

4.3) إِقْنَاعُ الْمُتَلَقي بَقَبُولِ الْفِكْرَةِ أَوْ رَفْضِهَا ، مِثْلَمَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ مِيخَائيل نُعَيْمَة وَهُو يُبْطِلُ دَعْوَى إدْرَاكِ حَقِيقَةِ الْحَيَاةِ وَ الْوُصُولِ إِلَى كُنْهِهَا :

وَ مَا نَاشِدٌ أَسْرَارَهَا، وَ هْوُ كَشْفُهَا *** سِوَى مُشْتَرٍ بِالْمَاءِ حُرْقَةَ عَطْشَانِ.

5.3) اَلْامْتَاعُ وَ التَّزْيينُ : تَجَاوُزُ اللُّغَةِ التَّقْرِيرِيَّةِ الْمُبَاشِرَةِ وَ اسْتِخْدَامُ اللُّغَةِ الْإِيحَائِيَّةِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْفِكْرَةِ الْعَادِيَّةِ ، كَقَوْلِ أَبِي الطَّيِّبِ الْمُتَنَبِّي يَصِفُ قَلَمًا أَسْوَدَ يَكْتُب فَوقَ سَطْحِ وَرَقَةٍ بَيْضَاءَ :

يَمُجُّ ظَلَامًا فِي نَهَارٍ لِسَانُهُ *** وَ يَفْهَمُ عَمَّنْ قَالَ مَا لَيْسَ يَسْمَع

4)وَظَائِفُ الصُّورَةِ الشعرية الْقَائِمَةِ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ

1.4) اَلْإِيجَازُ وَ الْمُبَالغَةُ مَعَ الْمَجَازِ المُرْسَلِ خَاصَّة ، مِثْلَمَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ الشَّاعِر مَحْمُود سَامِي الْبَارُودِي مُعْتَزّاً بِنَفْسِهِ :

خُلِقْتُ عَيُوفًا لَا أَرَى لِابْنِ حُرَّةٍ /// لَدَيَّ يَدًا أُغْضِي لَهَا حِينَ يَغْضَبُ

فَلَسْتُ لِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّعًا /// وَ لَسْتُ عَلَى شَيْءٍ مَضَى أَتَعَتَّبُ

2.4) اَلْإِقْنَاعُ مَعَ الْكِنَايَةِ ، كما في قول شاعر القطرين، و هو يعبر عن انقضاء عهد الشباب والعنفوان، ونضوب قريحة الشعر مستندا إلى الكناية:

وَلَّى الرَّبِيعُ وَ جَفَّ عُو /// دِي وَ انْقَضَى عَهْدُ التَّغَنِّي

وَ عَدِمْتُ لَذَّاتِ الرُّؤَى /// وَ عَدِمْتُ لَذَّاتِ التَّمَنِّي

3.4) اَلْإِمْتَاعُ جَمَالِياً بِتَجَاوُزِ اللُّغَةِ التَّقْرِيرِيَّةِ ، مثلما جاء على لسان الشاعر خليل مطران، وهو يُلْقِي التحية على القدس و على من ينتسب إليه من أهل الديانات السماوية :

سَلَامٌ عَلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَ مَنْ بِهِ /// عَلى جَامِعِ الْأَضْدَادِ فِي إِرْثِ حُبِّهِ

 

5) مَلْحُوظَةٌ

   تَكُونُ اَلصُّورَةُ الشِّعْرِيَّةُ حِسّيَّةً مَادِّيةً جُزْئِيَّةً فِي الشِّعْرِ التَّقْلِيدِيِّ الْإِحْيَائِيِّ ، فِي حِين تَمِيلُ إِلَى التَّجْرِيدِ وَ الْخَيالِ وَ الْكُلِّيَّةِ فِي الشِّعْرِ التَّجْدِيدِي الذَّاتِيِّ . كَمَا أَنَّ الشَّاعِرَ الْإِحْيائِي يُكْثِرُ مِن التَّشْبيهَاتِ وَ الاسْتِعَارات بِدَافِعِ تَقْلِيدِ الْقُدَامَى ، بَيْنَمَا يزهد فِيها الشَّاعِرُ الذَّاتِيُّ بِغَرَضِ التَّجْدِيدِ ، وَ لَا يَسْتَخْدِمُهَا إِلا عِنْدَمَا تَعْجز اللغة عن التَّعْبِيرِ عَنْ تَجْرِبَتِهِ  . 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بطاقات لغوية/ بطاقة الاستفهام

 بطاقات لغوية/بطاقة الاستفهام