لِنَكُنْ أَصْدِقَاء للشاعرة نازك الملائكة
1) لِنَكُنْ أَصْدِقَاءْ |
28) سَتَذُوبُ لِتَسْقِي صَدَى الظَّامِئِينْ |
2) فِي مَتَاهَاتِ هَذَا الْوُجُودِ الْكَئِيبْ |
29) كَأْسَةً وَ لْتَكُنْ مُلِئَتْ بِالْأَنِينْ |
3) حَيْثُ يَمْشِي الدَّمَارُ وَ يَحْيَا الْفَنَاءْ |
|
4) فِي زَوَايَا اللَّيَالِي الْبِطَاءْ |
30) لِنَكُنْ أَصْدِقَاء |
5) حَيْثُ صَوْتُ الضَّحَايَا الرَّهِيبْ |
31) نَحْنُ وَ الْحَائِرُون |
6) هَازِئاً بِالرَّجَاءْ |
32) نَحْنُ وَ الْعُزَّلُ الْمُتْعَبُونْ |
7) لِنَكُنْ أَصْدِقَاءْ |
33) نَحْنُ وَ الْأَشْقِياءْ |
8) فَعُيُونُ الْقَضَاءْ |
34) نَحْنُ وَ الثَّمِلُونَ بِخَمْرِ الرَّخَاءْ |
9) جَامِدَاتُ الْحَدَقْ |
35) وَ الَّذِينَ يَنَامُونَ فِي الْقَفْرِ تَحْتَ السَّمَاءْ |
10) تَرْمُقُ الْبَشَرُ الْمُتْعَبِينْ |
36) نَحْنُ وَ التَّائِهُونَ بِلَا مَأْوَى |
11) فِي دُرُوبِ الْأَسَى وَ الْأَنِينْ |
37) نَحْنُ وَ الصَّارِخُونَ بِلَا جَدْوَى |
12) تَحْتَ سَوْطِ الزَّمَانِ النَّزِقْ |
38) نَحْنُ وَ الْأَسْرَى |
13) لِنَكُنْ أَصْدِقَاءْ ، |
39) نَحْنُ وَ الْأُمَمُ الْأُخْرَى |
14) اَلْأَكُفُّ الَّتِي عَرَفَتْ كَيْفَ تَجْبِي الدِّمَاءْ |
40) فِي بِحَارِ الثُّلُوجْ |
15) وَ تَحُزُّ رِقَابَ الْخَلِيِّينَ وَ الْأَبْرِياءْ |
41) فِي بِلَادِ الزُّنُوجْ |
16) سَتُحِسُّ اخْتِلَاجَ الشُّعُورْ |
42) فِي بَعِيدِ الدِّيَارْ |
17) كُلَّمَا لَامَسَتْ إِصْبِعاً أَوْ يَداً |
43) وَ وَرَاءَ الْبِحَارْ |
18) وَ الْعُيُونُ الَّتِي حَدَّقَتْ فِي غُرُورْ |
44) فِي الصَّحَارَى ، وَ فِي الْقُطْبِ ، وَ فِي الْمُدُنِ الْآمِنَهْ |
19) تَرْمُقُ الْمَوْكِبَ الْأَسْوَدَا |
45) فِي الْقُرَى السَّاكِنَهْ |
20) مَوْكِبَ الرَّازِحِينَ الْعَبِيدْ |
46) أَصْدِقَاءٌ بَشَرْ |
21) هَذِهِ الْأَعْيُنُ الْفَارِغَاتْ |
47) أَصْدِقَاءٌ يُنَادُونَ أَيْنَ الْمَفَرْ ؟ |
22) سَتُحِسُّ الْحَيَاةْ |
48) وَ يَصِيحُونَ فِي نَبْرَةٍ ذَابِلَهْ |
23) وَ يَعُودُ الْجُمُودُ الْبَلِيدْ |
49) وَ يَمُوتُونَ فِي وَحْدَةٍ قَاتِلَهْ |
24) خَلْفَهَا أَلْفَ عِرْقٍ جَدِيدْ |
50) أَصْدِقَاءٌ جِياعٌ ، حُفَاةٌ ، عُرَاه |
25) وَ الْقُلُوبُ الَّتِي سَمِعَتْ فِي انْتِعَاشْ |
51) لَفَظَتْهُمْ شِفَاهُ الْحَياه |
26) صَرَخَاتِ الْجِياعِ الْعِطَاشْ |
52) إِنَّهُمْ أَشْقِياءْ |
27) سَتَذُوبُ بُكَاءً عَلَى الْجَائِعِينْ |
53) فَلْنَكُنْ أَصْدِقَاءْ |
نازك الملائكة ، شظايا و رماد ، المجلد الثاني ، دار العودة ، بيروت ، 1986 ، ص.143و ما يليها ( بتصرف ) |
|
نازك الملائكة (1923/2007) شاعرة و ناقدة عراقية ، انصب اهتمامها على الشعر الحديث ، نظما و تنظيرا .
من أبرز أعمالها في الشعر : شظايا و رماد ، و كتاب قضايا الشعر المعاصر في
التنظير للقصيدة الحديثة . |
|
شروح مساعدة
|
الخطوة الأولى
في القراءة
نقوم ببناء إشكالية عامة نؤطر فيها خطاب تكسير البنية فنيا و تاريخيا ،ثم نأتي على ذكر أسماء بعض الشعراء الأعلام الذين كسروا بنية الشعر العربي التقليدية و أسسوا لبنية حديثة مغايرة لنقف ، بشكل موجز ، عند صاحبة النص و نطرح ثلاثة أسئلة مناسبة للفهم و التحليل و التركيب . سؤال الفهم ( ماذا عن مضمون- مضامين القصيدة ؟) ، سؤال التحليل ( كيف عبرت القصيدة عن التجربة الإنسانية للشاعرة فنيا:الإيقاع – الصورة – اللغة نحويا وبلاغيا ؟) ثم سؤال التركيب ( هل استحضرت القصيدة المميزات المضمونية والخصائص الفنية لخطاب تكسير البنية الشعري ؟ ).
مثال بناء إشكالية لقراءة قصيدة لِنَكُنْ أَصْدِقَاءَ
خطاب تكسير البنية خطاب شعري حديث قام على تجاوز التصور التقليدي للشعر مضمونا و شكلا ، فأسس لتصور جديد يرى أن التفعيلة هي العنصر الأساسي في القصيدة الحديثة بدل نظام الشطرين في القصيدة القديمة ، كما أنه تحلل من قواعد الشكل التقليدي المتجسدة في وحدة الوزن و القافية والروي، و ذلك بجعل نظام القصيدة الحديثة إيقاعيا ينبثق من داخلها . و بالتالي فهو خطاب يسخر الشكل لخدمة المضمون الشعوري – الانفعالي بتبني نظامي السطرالشعري و الجملة الشعرية ، بعدما كان المضمون تابعا ، مع نظام البيت ، للشكل الذي يفرض عليه فرضا. و قد كانت بدايات هذه التجربة الشعرية الحديثة المغايرة للتقليدي في الشعر العربي مع تجربة نازك ملائكة في قصيدتها الكوليرا سنة 1947، ثم تلتها تجربة بدر شاكر السياب التي تزامنت مع سنة النكبة 1948 ، و ما تلى ذلك من تجارب شعرية ، منذ خمسينيات القرن العشرين مع عبد الوهاب البياتي و عبد المعطي حجازي و أعضاء مجلة شعر ، أبرزهم الشاعرين يوسف الخال و علي أحمد سعيد ( أدونيس) . و تبقى شاعرتنا نازك الملائكة ( 1923-2007) ، ناظمة هذه القصيدة ، أول من خرق سفينة التقليد وركبت أمواج التجاوز لنظام البيت ، والتأسيس لنظام السطر و التفعيلة ،و هي شاعرة عراقية اهتمت ، بالإضافة إلى قول الشعر على منوال شعر التفعيلة ، بالتنظير لهذا الأخير و الدفاع عنه في وجه المحافظين عبر مقالات و دراسات عديدة جمعت في كتابها قضايا الشعر المعاصر ، كما اتسعت تجربتها الشعرية لتسعة دواوين ، منها ديوان شظايا و رماد الذي اقتطف منه هذا النص الشعري . فما مضامينه ؟ و ما خصائصه الفنية ؟ و هل نجحت الشاعرة في استحضار مميزات خطاب تكسير البنية المضمونية و خصائصه الفنية في نظمها قصيدة لِنَكُنْ أَصْدِقَاءَ ؟
الخطوة الثانية في القراءة
بناء فرضية أو توقع مناسب لقراءة نصنا اعتمادا على عتباته مثل : العنوان ، المصدر .. و استعانة أيضا بدلالة بعض الأسطر الشعرية منه.
مثال بناء فرضية مناسبة لقراءة النص
استنادا إلى العنوان الذي تتوجه من خلاله الشاعرة إلينا بدعوة إلى إقامة صداقة إنسانية مواجهة لوجود تسوده الكآبة والمأساة كما يدل على هذا السطران الثاني و الثالث ، نفترض أن القصيدة تتضمن مقابلة بين عالمين ، الأول مأمول و ممكن تؤثثه الصداقة الإنسانية ، في حين أن الثاني واقعي مأساوي .
الخطوة الثالثة في القراءة
اكتشاف معنى النص و تكثيف مضامينه في فقرة منسجمة بعد تقسيمه إلى مقاطع شعرية دالة .
مثال تلخيص مضامين النص الشعري بعد تقسيمه إلى مقاطع شعرية دالة
تنقسم القصيدة إلى أربعة مقاطع شعرية متفاوتة من حيث عدد الأسطر الشعرية . و ما يدلنا على صحة هذا التقسيم هو تكرار لازمة "لِنَكُنْ أَصْدِقَاءَ". تعلن الشاعرة دعوتها لنا من أجل عقد صداقة تكون سبيلا إلى نجاة الإنسان من قسوة الوجود و سطوة الزمن الموسومين بالمأساوية ، و ذلك في المقطعين الأول و الثاني ، و تؤكد في المقطع الثالث أن صداقة بني الإنسان ستقضي على أفعال بشرية شنعاء مثل القتل و الظلم و القسوة و الكبرياء ، وتقوي في قلوبنا المشاعر و الأحاسيس النبيلة تجاه الضعفاء و المقهورين ، ثم تمتد الدفقة الشعورية و تطول في المقطع الرابع أكثر من المقاطع الشعرية السابقة . و هو المقطع الشعري الذي تجعل فيه الشاعرة عقد الصداقة يشمل كل بني البشر ، العقد الذي يلغي الفوارق العرقية و الاجتماعية و الجغرافية ، و يوحد الناس حول سؤال المصير المشترك بينهم فوق سطح الكرة الأرضية .
الخطوة الرابعة في القراءة
تحديد معجم النص و حقوله الدلالية ، و التمثيل لكل حقل بالألفاظ المناسبة من النص ، وإبراز العلاقة بينها.
* مثال فقرة منسجمة حول معجم قصيدة لِنَكُنْ أَصْدِقَاءَ
** مثال تحليل و دراسة المكون الإيقاعي في قصيدة لنكن أصدقاء
تتكون القصيدة من أربعة مقاطع شعرية يتفاوت حجمها بتفاوت عدد الأسطر و الجمل الشعرية المكونة لكل مقطع ، فالمقطعان الأول و الثاني متساويان من حيث عدد الأسطر الشعرية ، إذ يضم كل مقطع ستة أسطر ، لكنهما يختلفان في طول الأسطر ، فتتميز الأسْطُر الشعرية في المقطع الأول بالطول مقارنة مع أسطر المقطع الشعري الثاني ، و هو تفاوت مرتبط بدلالة كل مقطع . فالدفقة الشعورية تطول ويطول معها السطر الشعري لأن الشاعرة تحدد مكان عقد الصداقة ، و المكان هو الوجود بشساعته ، بينما يعود قصر الأسطر الشعرية في المقطع الثاني إلى كون هذا الأخير يشير إلى أسباب عقد الصداقة . و إذا كان المقطعان الشعريان السالفان الذكر ( الأول و الثاني ) متكافئين من حيث عدد الأسطر الشعرية و الجمل ، فإن المقطع الشعري الثالث يشمل ضِعْفَ عدد الأسطر الشعرية فيها و زيادة (ستةَ عَشَرَ سَطْراً في المقطع الثالث و حده مُقَابِلَ اثْنَيْ عَشَرَ سَطْرًا في المقطعين الأول و الثاني معا )، و هذا يدل على اتساع الدفقة الشعورية / الشعور الانفعالي لدى الشاعرة أمام أفعال الإنسان الهدامة والعدوانية ، التي جعلت من الوجود وجودا مأساويا ، و هو ما دفعها إلى اقتراح عقد الصداقة دواءً لمثل هذه الأفعال الشنعاء . ثم يصل اتساع الدفقة الشعورية ذروته و تصبح سريعة في المقطع الرابع ، حينما تعمم الشاعرة هذه الدعوة لعقد الصداقة على كل الناس بدون تمييز اجتماعي أو عرقي أو جغرافي.
من خلال تقطيعنا للسطرين الشعريين الأول و التاني تقطيعا عروضيا كما يأتي :
س 1 : لِنَكُنْ ( |||○ = فَعِلُنْ ) أَصْدِقَاء ( |○||○○= فَاعِلَانْ) .
*** مثال تحليل الصورة الشعرية في قصيدة نازك الملائكة و إبراز وظيفتها
نركز في هذا المكون على لغة النص ، فنكشف نحويا عن جملها الفعلية و جملها الاسمية و نبرز دلالة ذلك في النص من جهة. و نميز بلاغيا بين الجمل الخبرية و الجمل الإنشائية من جهة أخرى مع إبراز وظيفة ذلك في النص ، و لا ننسى الوقوف على أزمنة الأفعال و كذا الضمائر المهيمنة و تبيان وظيفتها .
**** مثال
دراسة لغة النص نحويا و بلاغيا
نلخص فيها نتائج التحليل بالتركيز على مقصدية الشاعرة و الوسائل الفنية التي استعانت بها لبلوغ هذه المقصدية . ثم نمحص فرضية القراءة ، و نبرز مدى استحضار الشاعرة مميزات خطاب تكسير البنية مضمونا و شكلا في قصيدتها جوابا عن السؤال الثالث الذي طرح في ذيل مقدمة الإنشاء الأدبي .
مثال تركيب قصيدة لنكن أصدقاء
توخت الشاعرة نازك الملائكة في نصها الشعري دعوة بني الإنسان إلى تجاوز كل ما يجعل وجوده مأساويا مع التأسيس لوجود يسوده السلم و السلام ، و تحقيق هذا التأسيس لا يتأتى إلا بتلبية طلبها القائم على عقد صداقة إنسانية. و للتعبير عن هذه المقصدية استعانت الشاعرة بنظام إيقاعي حديث يقوم على تفعيلة المتدارك وبمعجم مناسب . و قد أسهمت الصورة الشعرية في التعبير عن التقابل بين عالم ترغب الشاعرة في تجاوزه وعالم تود التأسيس له ، و هذا ما جعل لغة النص لغة وصفية يتقاسمها المأساوي و التفاؤلي . و بهذا ، نؤكد أن الفرضية التي انطلقنا منها في قراءة قصيدة لنكن أصدقاء فرضية صحيحة . و قد نجحت الشاعرة في نظم قصيدتها على منوال قصيدة التفعيلة ، و ذلك بانتصارها للتعدد في الأرواء و القوافي ، وربط حجم السطر والمقطع الشعريين بحجم الانفعال الشعوري ، و بالتالي جعلت الشكل تابعا للمضمون و خادما له في قصيدتها .
( التقويم لكم / لكن و ينبغي أن يكون الرأي الشخصي معززا بحجج و أدلة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق