1.تعريف الأمر:
✔ مثَالٌ وَ تَوْضَيحٌ: قَالَ الوَالِدُ مخاطِبًا
ابْنَهُ : " أَنْجِزْ عَمَلَكَ ، كَمَا حَدَدْتُ ، وَ لَا تُفْسِدْ عَلَيْنَا
فَرْحةَ النَّجَاحِ بِتَهَاوُنِكَ ." الملاحظة المتأنية للجملة / المثال تقودنا إلى استنتاج ثلاثة أركان يقوم عليها الأمر : الركن الأول يتجسد في الوالد باعتباره آمرا له مكانة اعتبارية أعلى من الابن ، و هذا الأخير [ الابن ] يشكل الركن الثاني بوصفه مأمورا يجب عليه فعل ما طلبه منه الوالد/الآمر . ثم الركن الثالث يقوم على أن الفعل المطلوب تنفيذه [ إنجاز العمل ] ممكن و ليس مستحيلا. وعليه ، الأمر هو طلب الآمر من المأمور ، على وجهالاستعلاء ( مقام الآمر)
والإلزام ( مقام المأمور )، فعل شيء ممكن .
2.انتقال الأمر من المعنى الحرفي إلى المعنى البلاغي [ من القوة الإنجازية الحرفية إلى القوة الإنجازية المستلزمة ]
✔ مثَالٌ وَ تَوْضَيحٌ: يقول الشاعر أمرؤ القيس مُنَاجِيًا اللَّيْل :
أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِ ** بِصُبْحٍ وَ مَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَل .
يتوجه الشاعر ، في البيت الشعري / المثال الثاني ، إلى الليل طالبا منه الانجلاء و الزوال لكثرة الهموم التي جلبها له . و خلافا للأمر في المثال الأول ، فشرطي الاستعلاء والإلزام غير متوفرين في قول الشاعرأمرئ القيس، لأن الآمر (الشاعر ) إنسان في حالة ضعف تفترسه الهموم ، في حين أن المأمور (الليل ) ليس بإنسان . و بهذا يكون الأمر في هذا البيت الشعري ( المثال الثاني ) قد خرج عن معناه الحقيقي ليفيد التمني ، ذلك أن الشاعر يتمنى ذهاب الليل لتذهب معه الهموم فينعم بالصبح و ما يصاحبه من سرور و بشاشة .
و يفيد أيضا التحدي و التعجيز ، كقول الله عز وجل ، يتحدى الكفار ويعجزهم عن الإتيان بمثل ما أنزل على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام : (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) سورة البقرة ، الآية (23) ، و يفيد السخرية كذلك ، كما سخر الشاعرالمتنبي من مصر قديما قائلا :
يا أمة ضحكت من جهلها الامم == ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم
و قد يفيد معان أخرى تستفاد من سياق القول الذي يأتي فيه مثل : الإنكار ، النصح و الإرشاد ، التحذير ، الترهيب ( التخويف ) ، الترغيب( التحبيب )...
و بالعودة إلى المثالين أعلاه نجد أن الأمر، في المثال الأول ، دل على معناه الحرفي ( طلب الفعل على وجه الاستعلاء و الإلزام ) ، و هذا المعنى الحرفي يسمى القوة الإنجازية الحرفية ، بينما دل ، في المثال الثاني ، على المعنى البلاغي /غير الحرفي ، استفدناه من سياق القول الشعري ، وهذا المعنى البلاغي / غير الحرفي يسمى القوة الإنجازية المستلزمة.
3.صيغ الأمر :
✔ مثَالٌ وَ تَوْضَيحٌ: ورد الأمر في المثال الأول [أَنْجِزْ] بصيغة فعل الأمر من الفعل (أَنْجَزَ) ، في حين ورد في الآية القرآنية الآتية: ( عَلَيْكُم أًنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُم) سورة المائدة ، الآية 105.[عَلَيْكُم] بصيغة اسم فعل أمر، والمعنى المقصود منه هو : اِحْفظُوا أنْفُسَكُم وصُونُوها . و قد يصاغ من المصدر النائب عن فعل الأمر، كما في قول الله تعالى حينما أمرنا بالإحسان إلى الوالدين (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) سورة الإسراء ، الآية 23 ، أما صيغته الرابعة فهي المضارع المجزوم و المقرون بلام الأمر ، مثل قولنا :" لِتُنْجِزْ مَا عَلَيْكَ مِنْ وَاجِبَاتٍ قَبْلَ فَوَاتِ الْأجَلِ" .
4.تعريف النهي :
✔ مثَالٌ وَ تَوْضَيحٌ: يقول الله عز وجل: )وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) سورة الإسراء ، الآية 32 . في هذه الآية الكريمة يطلب الله سبحانه و تعالى (في المقام الأعلى )، من عباده ( في المقام الأدنى ) الكف عن سلك مسلك الزنا، لأنه مسلك سيء، و هو كف و توقف ممكن و ليس مستحيلا . فإذا هم كفوا عن هذا الفعل الشنيع نالوا ثوابه و أجره، و إن هم امتنعوا عن الكف مسهم عذابه الشديد . وعليه، فالنهي هو طلب الكف / التوقف الممكن عن الفعل على وجه الاستعلاء و الإلزام .
5.انتقال النهي من
المعنى الحرفي إلى المعنى البلاغي / غير الحرفي [ من القوة الإنجازية الحرفية إلى القوة الإنجازية المستلزمة]
✔مثَالٌ وَ تَوْضَيحٌ: يقول أبو الأسود الدؤلي :
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَ تَأْتِيَ مِثْلَهُ ** عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
يطلب الشاعر من مخاطبه الكف عن الوقوع في التناقض
بين القول والفعل لجسامة و خطورة ذلك عليه مع نفسه و مع المجتمع الذي ينتمي إليه ،
دون حضور شرطي الاستعلاء و الإلزام ، كما في الآية (32) من سورة الإسراء . فإذا
كان للنهي في هذه الآية معنى حرفي أي قوة إنجازية حرفية ، فله في قول الشاعر
بالمثال / البيت الشعري قوة إنجازية مستلزمة تتجسد في النصح و الإرشاد . و قد يفيد معان
أخرى تستفاد من سياق القول الذي يأتي فيه ، مثله في هذا مثل الأمر ، كالسخرية في
قول الشاعر:
6.صيغة النهي:
إذا كان للأمر أربع صيغ ، كما سبق التوضيح ، فإن للنهي صيغة واحدة هي الفعل المضارع المقرون بلا الناهية الجازمة (لَا + تَفْعَلْ / لَا + تَفْعَلِي) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق